فصل: ثوار أشبيلية المتعاقبون.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.ثورة لب بن محمد بسرقسطة وتطيلة.

ثم ثار لب بن محمد بن لب بن موسى بسرقسطة سنة ثمان وخمسين ومائتين أيام الأمير محمد فترددت إليه الغزوات حتى استقام وأسجل له الأمير محمد على سرقسطة وتطيلة وطرسونة فأحسن حمايتها واستفحلت إمارته فيها ونازله ملك الجلالقة أذفونش في بعض الأيام بطرسونة فنزل إليه ورده على عقبه منهزما وقتل نحوا من ثلاثة آلاف من قومه وانتقض على الأمير عبد الله وحاصر تطيلة.

.ثورة مطرف بن موسى بن ذي النون الهواري بشنت برية.

كان لمطرف صيت من الشجاعة ومحل من النسب والعصبية فثار في شنت برية وكانت بينه وبين صاحب ينبلونة سلطان البشكنس من الجلالقة حروب أسره العدو في بعضها ففر من الأسر ورجع إلى شنت برية واستقامت طاعته إلى آخر دولة الأمير محمد.

.ثورة الأمير ابن حفصون في يشتر ومالقة ورندة واليس.

وهو عمر بن حفصون بن عمر بن جعفر بن دميان بن فرغلوش بن أذفونش القس هكذا نسبه ابن حيان أول ثائر كان بالأندلس وهو الذي افتتح الخلاف بها وفارق الجماعة أيام محمد بن عبد الرحمن في سني السبعين والمائتين خرج بجبل يشتر من ناحية رية ومالقة وانضم إليه الكثير من جند الأندلس ممن في قلبه مرض في الطاعة وابتنى قلعته المعروفة به هنالك واستولى على غرب الأندلس إلى رندة وعلى السواحل من الثجة إلى البيرة وزحف إليه هاشم بن عبد العزيز الوزير فحاصره واستنزله إلى قرطبة سنة سبعين ثم هرب ورجع إلى حصن يشتر ولما توفي الأمير محمد تغلب على حصن الحامة ورية ورندة والثجة وغزاه المنذر سنة أربع وسبعين فافتتح جميع قلاعه وقتل عامله برية ثم سأل الصلح فعقد له المنذر ثم نكث ابن حفصون وعاد إلى الخلاف فحاصره المنذر إلى أن هلك محاصرا له فرجع عنه الأمير عبد الله واستفحل أمر بن حفصون والثوار وتوالت عليه الغزوات والحصار وكاتب ابن الأغلب صاحب أفريقية وهاداه وأظهر دعوة العباسية بالأندلس فيما إليه وتثاقل ابن الأغلب على إجابته لاضطراب أفريقية فأمسك وأكثر الأجلاب على قرطبة وبنى حصن بلاية قريبا منها وغزاه عبد الله وافتتح بلاية والثجة ثم قصده في حصنه فحاصره أياما وانصرف عنه فاتبعه ابن حفصون فكر عليه الأمير عبد الله وهزمه وأثخن فيه وافتتح البيرة من أعماله ووالى عليه الحصار في كل سنة فلما كانت وثمانين عمر بن حفصون وخالص ملك الجلالقة فنبذ إليه أمراؤه بالحصون عهده وسار الوزير أحمد بن أبي عبيدة لحصاره في العساكر فاستنجد بإبراهيم بن حجاج الثائر بأشبيلية ولقياه فهزمهما وراجع ابن حجاج الطاعة وعقد له الأمير عبد الله على أشبيلية وبعث ابن حفصون بطاعته للشيعة عندما تغلبوا على القيروان من يد الأغالبة وأظهر بالأندلس دعوة عبيد الله ثم راجع طاعة بني أمية عندما هيأ الله للناصر ما هيأه من استفحال الملك واستنزال الثوار واستقام إلى أن هلك سنة ست وثلثمائة لسبع وثلاثين سنة من ثورته وقام مكانه ابنه جعفر أقره الناصر على أعماله ثم دس إليه أخوه سليمان بن عمر بعض رجالاتهم فقتله لسنتين أو ثلاثة من ولايته وكان مع الناصر فسار إلى أهل يشتر وملكوه مكان أخيه وذلك سنة ثمان وثلثمائة وخاطب الناصر فعقد له كما كان أخوه ثم نكث وتحرر إنكاثه ورجوعه ثم بعث إليه الناصر وزيره عبد الحميد بن سبيل بالعساكر ولقيه فهزمه وقتله وجيء برأسه إلى قرطبة وقدم المولدون أخاه حفص بن عمر فانتكث ومضى على العصيان وغزاه الناصر وجهز العساكر لحصاره حتى استأمن له ونزل إلى قرطبة بعد سنة من ولايته وخرج الناصر إلى يشتر فدخله وجال في أقطاره ورفع أشلاء عمرو ابنه جعفر وسليمان فصلبهم بقرطبة وخرب جميع الكنائس التي كانت في الحصون التي بنواحي رية وأعمال مالقة ثلاثين حصنا فأكثر وانقرض أمر بني حفصون وذلك سنة خمس عشرة وثلثماثة والبقاء لله.

.ثوار أشبيلية المتعاقبون.

ابن أبي عبيدة وابن خلدون وابن حجاج وابن مسلمة وأول الثواركان بإشبيلية أمية ابن عبد الله المغافر بن أبي عبيدة وكان جده أبو عبدة عاملا عليها من قبل عبد الرحمن الداخل قال ابن سعيد ونقله عن مؤرخي الأندلس: الحجازي ومحمد بن الأشعث وابن حيان قال: لما اضطربت الأندلس بالفتن أيام الأمير عبد الله وسما رؤساء البلاد إلى التغلب وكان رؤساء أشبيلية المرشحون لهذا الشأن أمية بن عبد الغافر وكليب بن خلدون الحضرمي وأخوه خالد وعبد الله بن حجاج وكان الأمير عبد الله قد بعث على إشبيلية ابنه محمدا وهو أبو الناصر والنفر المذكورون يحومون على الاستبداد فثاروا بمحمد ابن الأمير عبد الله وحصروه في القصر مع أمه وانصرف ناجيا إلى أبيه ثم استبد أمية بولايتها على مداراتهم ودس على عبد الله بن حجاج من قتله فقام أخوه إبراهيم مكانه فثاروا به وحاصروه في القصر ولما أحيط به خرج إليهم مستميتا بعد أن قتل أهله وأتلف موجوده فقتل وعاثت العامة برأسه وذلك أعوام الثمانين والثلثماثة وكتب ابن خلدون وأصحابه بذلك إلى الأمير عبد الله وأن أمية خلع وقتل فتقبل منهم للضرورة وبعث عليهم عمه هشام بن عبد الرحمن واستبدوا عليه وتولى كبر ذلك كريب بن خلدون واستبد عليهم بالرياسة قال ابن حيان: ونسبهم في حضرموت وهم بأشبيلية نهاية في النباهة مقتسمين الرياسة السلطانية والعلمية وقال ابن حزم: إنهم من ولد وائل بن حجر ونسبهم في كتاب الجمهرة وكذلك قال ابن حيان في بني حجاج قال الحجازي: ولما قتل عبد الله بن حجاج قام أخوه إبراهيم مقامه وظاهر بني خلدون على قتل أمية وأنزل نفسه منهم منزلة الخديم واستبد كريب وعسف أهل إشبيلية فنفر عنه الناس وتمكن لابراهيم الغرض وصار يظهر الرفق كما أظهر كريب الغلظة وينزل نفسه منزلة الشفيع والملاطف ثم دس للأمير عبد الله بطلب الولاية ليشتد بكتابه على كريب بن خلدون وكتب له بذلك عهده فأظهره للعامة وثاروا جميعا بكريب فقتلوه واستقام إبراهيم بن حجاج على الطاعة للأمير عبد الله وحصن مدينة قرمونة وجعل فيها مرتبط خيوله وكان يتردد ما بينها وبين إشبيلية وهلك ابن حجاج واستبد ابن مسلمة بمكانه ثم استقرت إشبيلية آخرا بيد الحجاج بن مسلمة وقرمونة بيد محمد بن إبراهيم بن حجاج وعقد له الناصر ثم انتقض وبعث له الناصر بالعساكر وجاء ابن حفصون لمظاهرة ابن مسلمة فهزمته العساكر وبعث له ابنه شفيعا فلم يشفعه فبعث ابن مسلمة بعض أصحابه سرا فداخل الناصر في المكربه وعقد له وجاء بالعساكر وخرج ابن مسلمة للحديث معه فغدروا به وملكوا عليه أمره وحملوه إلى قرطبة ونزل عامل السلطان إشبيلية وكان من الثوار على الأمير عبد الله قريبه وغدر به أصحابه فقتل.